موضوع: رد: اذا كنت طفشانين اتفضلو قصة رائعة الأربعاء أكتوبر 21, 2009 4:57 am
قالت : " هيا يا رغد ! عوضا عن ذلك رتبي الملابس أو غرفة الضيوف و الصالة ... النهار يودعنا " لم أناقش أمي ، بل نظرت إلى أبي و هو منهمك في تدوين كلمات على الورقة و قلت : " أبي ... لن أتأخر ! سأشتريه و نعود فورا ! " والدي قال دون أن يرفع عينيه عن الورقة : " فيما بعد رغد ، لدي مهام أخرى أقوم بها الآن " خرجت من المطبخ و أنا أشعر بالخيبة و الخذلان ... و ذهبت إلى الغرفة الخاصة بالملابس ، أكويها و أطويها و أرتبها ، و دمعة تتسلل من بين حدقتي من حين لآخر ... كنت أكوي فستاني الجديد الذي سأرتديه الليلة بشرود و أسى ... لماذا علي أن أعمل بهذا الشكل !؟ لماذا لا يجلب والدي خادمة للمنزل ؟؟ هنا سمعت صوت جرس الباب يقرع ... لابد أنه وليد ! تركت كل شيء بإهمال و طرت نحو باب المخرج ، في نفس اللحظة التي أقبل فيها والدي نحو الباب ... قال : " اذهبي و ارتدي الحجاب ، قد يكون وليد ! "
موضوع: رد: اذا كنت طفشانين اتفضلو قصة رائعة الأربعاء أكتوبر 21, 2009 4:57 am
رجعت فورا إلى غرفة الملابس و سحبت حجابا لي من كومة الملابس ( المجعدة ) و لبسته كيفما اتفق ، و هرعت نحو المدخل ... فتحت باب المدخل لأطل على الفناء الخارجي ، و أرى أبي و وليد متعانقين عند البوابة الخارجية ... أقبلت أمي مسرعة و فتحت الباب و خرجت مهرولة إلى وليد ... وقفت أنا عند الباب الداخلي أنظر و دموعي تفيض من عيني رغما عنها ... لقد كان وليد واقفا بطوله و عرضه و جسده العظيم ، يحجب أشعة الغروب عن وداع ما غطاه ظله الكبير ، يضم والديه إلى صدره و ينهال برأسه البارز على رأسيهما بالقبل ... وقفت أراقب ... و أنتظر ... لقد طال العناق و الترحيب ... و لم يلتفت أو لم ينتبه إلي ! و فيما أنا كذلك ، و إذا بالباب يفتح ، و تنطلق منه دانة مسرعة كالقذيفة الموجهة نحو وليد ! تعانقا عناقا حميما جدا ، و دانة تقول بفرح : " كنت واثقة من أنك ستحضر ! كنت واثقة من ذلك " و وليد يضمها إلى صدره ثم يقبل جبينها و يقول : " طبعا سآتي ! كم شقيقة لدي ؟؟ ... ألف مبروك عزيزتي "
موضوع: رد: اذا كنت طفشانين اتفضلو قصة رائعة الأربعاء أكتوبر 21, 2009 4:57 am
كل هذه الحرارة المنبعثة من اللقاء الحميم أمام عيني جعلتني أنصهر ! و بدا أن دموعي على وشك التبخر من فرط حرارة خدي ّ وليد ! من أي طينة خلقت أنت ؟؟ و لماذا تنبعث منك حرارة حارقة بهذا الشكل ! ألا تحس الأشجار أن الشمس قد ارتفعت بعد الغروب !؟ و أخيرا ، تحرك الثلاثة مقبلين نحوي ... نحو المدخل ... أخيرا لامست نظراتي الجمرتين المتقدتين ، المتمركزتين أعلى ذلك الرأس ... مفصولتين بمعقوف حاد ، يزيدهما شرارا ... و حدة ... و اشتعالا ! توهج وجهي احمرارا و تلعثم قلبي في نطق دقاته المتراكضة ... و شعرت بجريان الأشياء الغريبة في داخلي ... الدماء سيالات الأعصاب و الأنفاس ! و هو يخطو مقتربا ، و حجمه يزداد ... و رأسه يعلو ... و عنقي يرتفع ! سقطت أنظاري فجأة أرضا و كأن عضلات عيني قد شلت ! لم أستطع رفعهما للأعلى لحظتها ... و جاء صوته أخيرا يدق طبلتي أذني ... بل يكاد يمزقهما ! " كيف حالك صغيرتي ؟؟ "
موضوع: رد: اذا كنت طفشانين اتفضلو قصة رائعة الأربعاء أكتوبر 21, 2009 4:58 am
و كلمة صغيرتي هذه تجعلني أحس أكثر و أكثر بصغر حجمي و ضآلتي أمام هذا العملاق الحارق ! رفعت عيني أخيرا ببعض الجهد و أنا أضم شفتي مع بعضهما البعض استعدادا للنطق ! " بخير ... " و لكن ... حين وصلت عيناي إلى جمرتيه ، كانتا قد ابتعدتا ... لم يكن وليد ينظر إلي ، و لا حتى ينتظر جوابي ! لقد ألقى سؤاله بشكل عابر و أشاح بوجهه عني قبل أن يسمع حتى الإجابة ... و هاهي دانة تفتح الباب ... و هاهو يدخل من بعدها ... و يدخل والداي من بعده ... و ينغلق الباب من بعدهم ! وقفت متحجرة في مكاني لا شيء بي يتحرك ... حتى عيناي بقيتا معلقتين في النقطة التي ظنتا أنهما ستقابلان عيني وليد عندها ... مرت برهة ... و أنا أحدق في الفراغ ! هل كان وليد هنا ؟؟ هل مر وليد من هنا ؟؟ هل رأته عيناي حقا ؟؟؟ لم أجد جوابا حقيقيا ... بدا كل شيء كالوهم و الخيال !
موضوع: رد: اذا كنت طفشانين اتفضلو قصة رائعة الأربعاء أكتوبر 21, 2009 4:58 am
أفقت من شرودي و استدرت ، و فتحت الباب فدخلت ... و وصلتني أصوات أفراد أسرتي من غرفة المعيشة ... حركت قدمي بإعياء شديد متجهة إلى حيث هم يجلسون ... كان وليد يجلس على مقعد كبير ، و هم إلى جانبيه ... لا أظن أن أحدا انتبه لوجودي ! وقفت عند مدخل الغرفة أراقبهم و جميعهم مسرورون و أنا تعيسة ! بعد قليل ، أمي قالت فجأة : " أتشمون رائحة شيء يحترق ؟؟ " الشيء الذي قفز إلى رأسي هو المقعد الذي يجلسون عليه ! ربما احترق من حرارة وليد ! و بالفعل شممت الرائحة ! " إنها قادمة من هناك ! " و أشارت والدتي نحوي ... طبعا كانت تقصد من خارج الغرفة ألا أنني ألقيت نظرة سريعة على ملابسي لأتأكد من أنها لا تقصدني ! و قفت أمي و كذلك وقف الجميع ، و أقبلت هي مسرعة قاصدة التوجه نحو المطبخ ... لم تجد ما يحترق هناك ... ثم سمعت صوتها تنادي بقوة: " رغد تعالي إلى هنا " ذهبت إليها ، كانت في غرفة الملابس ... تفصل سلك المكواة عن مقبس الكهرباء ! صحت : " أوه ! يا إلهي ! " و أسرعت إلى الفستان الذي نسيت المكواة فوقه و خرجت مسرعة لاستقبال وليد !
موضوع: رد: اذا كنت طفشانين اتفضلو قصة رائعة الأربعاء أكتوبر 21, 2009 4:58 am
" انظري ما فعلت ! سترتدينه الليلة محروقا بهذا الشكل ! " أخذت الفستان و جعلت أدقق النظر في البقعة المحروقة ، و أعض شفتي أسفا و حسرة ... " ماذا سأفعل الآن ؟؟ " قلت بيأس ... فأجابت أمي بغضب : " ترتدينه محروقا ! فنحن لم نشتره لنرميه " عند هذا الحد ... و لم أتمالك نفسي ... و انخرطت في بكاء شديد رغما عني ... في نفس اللحظة التي كانت أمي تغادر فيها الغرفة كان البقية مقبلين يتساءلون عما حدث و ما احترق ... والدي قال : " ماذا حصل ؟؟ " أمي أجابت باستياء : " تركت فستانها يحترق ! و قبل قليل كسرت الأطباق ! لا أعرف متى ستكبر هذه الفتاة " كان الأمر سيغدو مختلفا لو أن وليد لم يكن موجودا يرى و يسمع ... كم شعرت بالحرج و الخجل ... إنني لست طفلة و مثل هذه الأمور لم تكن لتحدث لو أنني لم أكن مضطربة و مشتتة هذا اليوم ... كما و أن أمي لم تكن لتصرخ بوجهي هكذا لو لم تكن هي الأخرى مضطربة و قلقة ، بسبب الليلة ... رميت بالفستان جانبا و أسرعت الخطى قاصدة الهروب و الاختفاء عن الأنظار ..